ثم يقول تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾ [مريم: ٦١] فما دام الرحمن تبارك وتعالى هو الذي وعد، فلا بُدَّ أن يكون وعدُه (مَأْتِياً) أي: مُحقّقاً وواقعاً لا شَكَّ فيه، ووعْده تعالى لا يتخلَّف و (مَأْتِياً) أى نأتيه نحن، فهي اسم مفعول.
وبعض العلماء يرى أن (مَأتِياً) بمعنى آتياً، فجاء باسم المفعول، وأراد اسم الفاعل، لكن المعنى هنا واضح لا يحتاج إلى هذا التأويل؛ لأن وعد الله تعالى مُحقَّق، والموعود به ثابت في مكانه، والماهر هو الذي يسعى إليه ويسلك طريقه بالعمل الصالح حتى يصل إليه.
ثم يقول الحق سبحانه عن أهل الجنة في الجنة: ﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾
اللغو: هو الكلام الفُضولي الذي لا فائدة منه، فهو يضيع الوقت ويُهْدِر طاقة المتكلم وطاقة المستمع، وبعد ذلك لا طائلَ من ورائه ولا معنى له.
والكلام هنا عن الآخرة ﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾ [مريم: ٦٢] فإن كانوا قد سمعوا لَغْواً كثيراً في الدنيا فلا مجالَ للغو في الآخرة. ثم يستثني من عدم السماع ﴿إِلاَّ سَلاَماً﴾ [مريم: ٦٢] والسلام ليس من اللغو، وهو تحية أهل الجنة وتحية الملائكة: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾ [يونس: ١٠].