وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} [محمد: ١٥].
مع الفارق بين هذه الأشياء في الدنيا والآخرة. ويكفي أن تعرف الفرق بين خمر الدنيا وما فيها من سوء في طعمها ورائحتها واغتيالها للعقل، وبين خمر الآخرة التي نفى الله عنها السوء، فقال: ﴿لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾ [الصافات: ٤٧].
وقوله: ﴿بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ [مريم: ٦٢] فكيف يأتيهم رزقهم بُكْرة وعشياً، وليس في الجنة وقت لا بُكْرة ولا عَشِياً، لا لَيْل ولا نهار؟ نقول: إن الحق تبارك وتعالى يخاطبنا على قَدْر عقولنا، وما نعرف نحن من مقاييس في الدنيا، وإلاّ فنعيم الجنة دائم لا يرتبط بوقت، كما قال سبحانه: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥].
وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿أولئك هُمُ الوارثون الذين يَرِثُونَ الفردوس هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠١١].
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ﴾
قوله: ﴿تِلْكَ الجنة﴾ [مريم: ٦٣] أي: التي يعطينا صور لها هي: ﴿التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً﴾ [مريم: ٦٣] أي: يرثونها، فهل كان في الجنة أحد قبل هؤلاء، فَهُم يرثونه؟
الحق تبارك وتعالى قبل أن يخلق الخَلْق عرف منهم مَنْ سيؤمن باختياره، ومَنْ سيكفر باختياره، علم مَنْ سيطيع ومَنْ


الصفحة التالية
Icon