الكتاب سيعرف أنه منه، وإذا كنا نحن الآن نسجل على خصومنا أنفاسهم وكلماتهم، أتستبعد على من علمنا ذلك أن يسجل الأنفاس والأصوات والحركات بحيث إذا قرأها الإنسان ورآها لا يستطيع أن يكابر فيها أو ينكرها.
وقوله سبحانه: ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً﴾ [مريم: ٧٩] أي: يزيده في العذاب، لأن المد هو أن تزيد الشيء، ولكن مرة تزيد في الشيء من ذاته، ومرة تزيد عليه من غيره، قد تأتي بخيط وتفرده إلى آخره، وقد تصله بخيط آخر، فتكون مددته من غيره، فالله يزيده في العذاب.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾
أي: في حين ينتظر أنْ نزيدَه ونعطيه سنأخذ منه ﴿وَنَرِثُهُ﴾ [مريم: ٨٠] أي: نأخذ منه كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [مريم: ٤٠].
وقوله: ﴿وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين﴾ [القصص: ٥٨].
فكأن قوله تعالى: ﴿وَنَرِثُهُ﴾ [مريم: ٨٠] تقابل قوله: ﴿لأُوتَيَنَّ مَالاً﴾ [مريم: ٧٧] وقوله تعالى: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْداً﴾ [مريم: ٨٠] تقابل ﴿وَوَلَداً﴾ [مريم: ٧٧]، فسيأتينا من القيامة فَرْداً، ليس معه من أولاده أحد يدفع عنه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿واتخذوا مِن دُونِ الله﴾


الصفحة التالية
Icon