وهكذا، كلما زاد حرصه على المال زاد كَيُّه. وتلحظ في الآية الترتيب الطبيعي لموقف السؤال حين يقف السائلُ الفقير أمام الغني اللئيم، فأوَّل ما يطالع السائل يتغيّر وجهه، ثم يُشيح عنه بوجهه، فيعطيه جَنْبه، ثم يُدير له ظهره مُعْرِضاً عنه، وبنفسِ هذا الترتيب يكون العذاب ويكون الكيُّ والعياذ بالله. وينقلب المال الذي ظَنّ العزة فيه إلى نكَالٍ ووبَالٍ.
يقول تعالى: ﴿وَإِذَا حُشِرَ الناس كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٦].
حتى الجوارح التي تمتعتْ بمعصيتك في الدنيا ستشهد عليك: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [النور: ٢٤].
ذلك لأنك غفلتَ عمَّنْ كان يجب ألاَّ تغفل عنه، وذكرت مَنْ كان يجب ألاَّ تذكره، فالإله الحق الذي غفلْتَ عنه يطلبك الآن ويحاسبك، والإله الباطل الذي اتخذته يتخلى عنك ويُسلمِك للهلاك.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا﴾
الأزُّ: هو الهزُّ الشديد بعنف أي: تُزعجهم وتُهيجهم، ومثْلُه النزغ في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله﴾ [الأعراف: ٢٠٠].
والأَزّ أو النَّزْغ يكون بالوسوسة والتسويل ليهيجه على المعصية والشر، كما يأتي هذا المعنى أيضاً بلفظ الطائف، كما في قوله