لقد أشقيتَ نفسك بهذه الدعوة.
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إن الله بعثني رحمة للعالمين».
فقد بعث رسول الله ليسعد ويسعد معه قومه والناس أجمعين لا ليشقى ويُشقِي معه الناس. لكن من أين جاء الكفار بمسألة الشقاء هذه؟ المؤمن لو نظر إلى منهج الله الذي نزل به القرآن لوجده يتدخل في إراداته واختياراته، ويقف أمام شهواته، فيأمره بما يكره وما يشقُّ على نفسه، ويمنعه مما يألَف ومما يحب.
إذن: فمنهج الله ضد مرادات الاختيار، وهذا يُتعِب النفس ويشقُّ عليها إذا عُزِلَتْ الوسيلة عن غايتها، فنظرت إلى الدنيا والتكليف منفصلاً عن الآخرة والجزاء.
أمّا المؤمن فيقرن بين الوسيلة والغاية، ويتعب في الدنيا على أمل الثواب في الآخرة، فيسعد بمنهج الله، لا يشقى به أبداً. كالتلميذ الذي يتحمل مشقّة الدرس والتحصيل؛ لأنه يستحضر فَرْحة الفوز والنجاح آخر العام.
من هنا رأى هؤلاء الكفار في منهج الله مشقة وتعباً، لأنهم عزلوا الوسيلة عن غايتها؛ لذلك شعروا بالمشقة، في حين شعر المؤمنون بلذة العبادة ومتعة التكليف من الله، وهذه المسألة هي التي جعلتهم