ومعنى ﴿وَأَخْفَى﴾ [طه: ٧] أي: أَخْفى من السر، فإنْ كان سِرُّك قد خرج من فمك إلى أذن سامعك، فهناك ما هو أَخْفَى من السر، أي: ما احتفظتَ به لنفسك ولم تتفوَّه به لأحد.
لذلك يقول تعالى: ﴿وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور﴾ [الملك: ١٣] أي: مكنوناتها قبل أن تصير كلاماً.
وقال أيضاً: ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق: ١٦] فوسوسة النفس، وذات الصدور هي الأَخْفى من السر، فلديْنَا إذن جَهْر، وسِرٌّ، وأخفى من السر، لكن بعض العارفين يقول: وهناك في علم الله ما هو أخْفى من الأَخفى، فما هو؟ يقول: إنه تعالى يعلم ما سيكون في النفس قبل أن يكون.
وبعد ذلك جاء الحق سبحانه بالكلمة التي بعث عليها الرسل جميعاً: ﴿الله لا إله إِلاَّ هُوَ﴾
هذه الكلمة (لا إله إلا هو) هي قمة العقيدة، وقال عنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «خير ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».
وما دام لا إله إلا الله، فهو سبحانه المؤْتَمن عليك، فليس هناك إله آخر يُعقِّب عليه، فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
«وحينما دخل أعرابي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو يتكلم مع أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه