وهذه المسألة من قصة موسى كانت مثَارَ تشكيك من خصوم الإسلام، حيث وجدوا سياقات مختلفة لقصة واحدة، فمرة يقول: ﴿امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ﴾ [طه: ١٠]، وفي موضع آخر يقول: ﴿لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾ [القصص: ٢٩].
ومرة يقول: (قَبَس) وأخرى يقول (بِشهَابٍ قَبَسٍ) ومرة (بجَذْوَة) ومرة يقول: ﴿أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى﴾ [طه: ١٠] ومرة يقول: ﴿لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾ [القصص: ٢٩].
والمتأمل في الموقف الذي يعيشه الآن موسى وامرأته وولده الصغير وخادمه في هذا المكان المنقطع وقد أكفهرَّ عليهم الجو، يجد اختلاف السياق هنا أمراً طبيعياً، فكلُّ منهم يستقبل الخبر من موسى بشكل خاص، فلما رأى النار وأخبرهم بها أراد أنْ يُطمئنهم فقال: ﴿سَآتِيكُمْ﴾ [النمل: ٧] فلما رآهم مُتعلِّقين به يقولون: لا تتركنا في هذا المكان قال: ﴿امكثوا﴾ [طه: ١٠] وربما قال هذه لزوجه وولده وقال هذه لخادمه. فلا بُدَّ أنهم راجعوه. فاختلفت الأقوال حول الموقف الواحد.
كذلك في قوله: قَبَسٍ أو جَذْوةٍ لأنه حين قال: ﴿لعلي آتِيكُمْ﴾ [طه: ١٠] يرجو أن يجد هناك القبس، لكن لعله يذهب فيجد النار جَذْوة. وفي مرة أخرى يجزم فيقول: ﴿سَآتِيكُمْ﴾ [النمل: ٧].
إذن: هي لقطات مختلفة تُكوِّن نسيج القصة الكاملة، وتعددتْ الكلمات لأن الموقف قابلٌ للمراجعة، ولا ينتهي بكلمة واحدة.


الصفحة التالية
Icon