ولم يقُلْ: إني أنا الله؛ لأن الألوهية مطلوبها تكليف وعبادة وتقييد للحركة بافعل كذا ولا تفعل كذا.
وقوله تعالى: ﴿إني أَنَاْ رَبُّكَ﴾ [طه: ١٢] أي: ربك أنت بالذات لا الرب المطلق؛ لأن الرسل مختلفون عن الخَلْقِ جميعاً، فلهم تربية مخصوصة، كما قال تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ على عيني﴾ [طه: ٣٩] وقال: ﴿واصطنعتك لِنَفْسِي﴾ [طه: ٤١].
إذن: فالحق تبارك وتعالى يُربِّي الرسل تربيةً تناسب المهمة التي سيقومون بها.
وقوله تعالى: ﴿فاخلع نَعْلَيْكَ﴾ [طه: ١٢] هذا أول أمر، وخَلْعِ النعل للتواضع وإظهار المهابة؛ ولأن المكان مُقدَّس والعلة ﴿إِنَّكَ بالواد المقدس طُوًى﴾ [طه: ١٢] فاخلع نعليك حتى لا تفصل بينك وبين مباشرة ذرات هذا التراب.
ومن ذلك ما نراه في مدينة رسول الله من أناس يمشون بها حافيي الأقدام، يقول أحدهم: لَعلِّي أصادف بقدمي موضع قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقوله: ﴿طُوًى﴾ [طه: ١٢] اسم الوادي وهذا كلام عام جاء تحديده في موضع آخر، فقال سبحانه: {فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ


الصفحة التالية
Icon