بيت الله، ثم يأتي في آخر الوقت ويجلس في الصف الأول، وآخر يفرش سجادته ليحجز بها مكاناً لحين حضوره، فيجد المكان خالياً.
وينبغي على عامة المسلمين أن يرفضوا هذا السلوك، وعليك أنْ تُنحِّي سجادته جانباً، وتجلس أنت؛ لأن أولوية الجلوس بأولوية الحضور، فقد صفها الله في المسجد إقبالاً عليه. وهذه العادة السيئة تُوقع صاحبها في كثير من المحظورات، حيث يتخطى رقاب الناس، ويُميِّز نفسه عنهم دون حق، ويحدث انتقاص عبودي في بيت الله.
ولأهمية الصلاة ومكانتها بين العبادات تميِّزت في فرضها بما يناسب أهميتها، فكُلُّ العبادات فُرِضَتْ بالوحي إلا الصلاة، فقد استدعى الحق رسوله الصدق ليبلغه بها مباشرة لأهميتها.
وقد ضربنا لذلك مثلاً ولله المثل الأعلى بالرئيس إذا أراد أنْ يُبلِّغ مرؤوسه أمراً يكتب إليه، فإنْ كان الأمر مهماً اتصل به تليفونياً، فإنْ كان أهمّ استدعاه إليه لِيُبلِّغه بنفسه. ولما قرَّبه الله إليه بفرض الصلاة جعل الصلاة تقرُّباً لعباده إلى الله.
وقوله: ﴿وَأَقِمِ الصلاة لذكري﴾ [طه: ١٤] أقام الشيء: جعله قائماً على أُسس محكمة، فإقامة الصلاة أن تؤديها مُحكَمة كاملة الأركان غير ناقصة.
﴿لذكري﴾ [طه: ١٤] أي: لتذكري؛ لأن دوام ورتابة النعمة قد تُنسيك المنعم، فحين تسمع نداء (الله أكبر)، وترى الناس تُهرَع إلى بيوت الله لا يشغلهم عنها شاغل تتذكر إنْ كنتَ ناسياً، وينتبه قلبك إنْ كنتَ غافلاً.