ثم يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الساعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾
أي: مع ما سبق وَطِّنْ نفسك على أن الساعة آتية لا محالةَ، والساعة هنا هي عمر الكون كله، أمّا أعمار المكين في الكون فمتفاوته، كل حسب أجله، فمَنْ مات فقد قامت قيامته وانتهت المسألة بالنسبة له.
إذن: نقول: الساعة نوعان: ساعة لكُلٍّ منا، وهي عمره وأجَله الذي لا يعلم متى سيكون، وساعة للكون كله، وهي القيامة الكبرى.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الساعة آتِيَة﴾ [طه: ١٥] أي: اجعل ذلك في بالك دائماً، ومادام الموت سينقلك إليها سريعاً فإياك أنْ تقول: سأموت قريباً، أما القيامة فبعد آلاف أو ملايين السنين؛ لأن الزمن مُلغىً بعد الموت، كيف؟
الزمن لا يضبطه إلا الحدث، فإن انعدم الحدث فقد انعدم الزمن، كما يحدث لنا في النوم، وهل تستطيع أنْ تُحدِّد الوقت الذي نمْتَه؟ لذلك قال الحق سبحانه وتعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يلبثوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٦].


الصفحة التالية
Icon