وبعد ذلك شرح لنا الحق سبحانه بَدْء إيحائه لرسوله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى﴾
ما: استفهامية. والتاء بعدها إشارة لشيء مؤنَّت، هو الذي يمسكه موسى في يده، والكاف للخطاب، كأنه قال له: ما هذا الشيء الذي معك؟ والجواب عن هذا السؤال يتم بكلمة واحدة: عَصَا.
أمّا موسى عليه السلام فهو يعرف أن الله تعالى هو الذي يسأل، ولا يَخْفَى عليه ما في يده، ولكنه كلام الإيناس؛ لأن الموقف صعب عليه، ويريد ربه أنْ يُطمئنَه ويُؤنِسَه.
وإذا كان الإيناس من الله، فعلى العبد أنْ يستغلّ هذه الفرصة ويُطيل أمدَ الائتناس بالله عَزَّ وَجَلَّ، ولا يقطع مجال الكلام هكذا بكلمة واحدة؛ لذلك رد موسى عليه السلام: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾
قال موسى: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ﴾ [طه: ١٨]، ثم يفتح لنفسه مجالاً آخر للكلام: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي﴾ [طه: ١٨] وهنا يرى موسى أنه تمادى وزاد، فيحاول الاختصار: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى﴾ [طه: ١٨].


الصفحة التالية
Icon