سيحتاج إليها فيما بعد، ولو تحولتْ العصا إلى شجرة خضراء فسوف تستقر في مكانها، أما حين تتحول إلى حيّة فهي حيوان مُتحَرِّك، تجري هنا وهناك، وهذا ما سيحتاجه موسى في معركته القادمة.
ألقى موسى عصاه ﴿فَإِذَا هِيَ﴾ [طه: ٢٠] إذا هنا فجائية كما تقول: خرجتُ فإذا أسدٌ بالباب. وحينما ألقى موسى العصا سرعان ما تحولت وهي جافة يابسة إلى حيّة، وحيّة تسعى ليستْ جامدة ميتة، أليست هذه مفاجأة؟
وطبيعي أن يخاف موسى عليه السلام مما رآه، فطمأنه ربه فقال: ﴿قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ﴾
أي: امسكها بيدك، وسوف نعيدها في الحال ﴿سِيَرتَهَا الأولى﴾ [طه: ٢١] أي: كما كانت عصا يابسة جافة في يدك، وقال: ﴿لاَ تَخَفْ﴾ [طه: ٢١] لما ظهر عليه من أمارات الخوف. وقد أخبر عن خوفه في آية أخرى: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً موسى﴾ [طه: ٦٧].
وكانت هذه المسألة تدريباً لموسى عليه السلام وتجربةً، فللعصا مهمة في رسالته، وسوف تكون هي معجزته في صراعه مع فرعون حين يضرب بها البحر وفي دعوته لبني إسرائيل حين يضرب بها الحجر فيتفجّر منه الماء.