وكانت هذه الرُّتَّة أيضاً في لسان الحسين بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا سمع الحسين يضحك ويقول: «ورثها عن عمه موسى».
وتلحظ دِقَّة التعبير في قوله: ﴿مِّن لِّسَانِي﴾ [طه: ٢٧] ولم يقل: احلل عقدة لساني. فقد يُفهم منها أنه مُتمرِّد على قَدَر الله من حُبسة لسانه، إنما هو لا يعترض ويطلب مجرد جزءٍ من لسانه، يمَكِّنه من القيام بمهمته في التبليغ.
هذه هي العِلّة في طلبه، ولولاها ما طلب انطلاقة اللسان. والفقه هو أن يفهموا الكلام والحديث عنه.
ويواصل موسى عليه السلام ما يراه مُعيناً له على أداء مهمته: ﴿واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾
وزيراً: أي: معيناً وظهيراً. والحق سبحانه وتعالى لما أراد أنْ يُخوِّف الناس من الآخرة قال: ﴿كَلاَّ لاَ وَزَرَ إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر﴾ [القيامة: ١١١٢].
أي: لا ملجأ ولا معين تفزع إليه إلا الله، فالوزير من (وَزَر)، ويطلب الوزير حين لا يستطيع صاحب الأمر القيام به بمفرده، فيحتاج إلى مَنْ يعينه على أمره، وهو وزير إنْ كان ناصحاً أميناً يُعين صاحبه بصِدْق، فإنْ كان غاشَّاً لئيماً يعمل لصالح نفسه، فليس بوزير، بل هو (وِزْر)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [فاطر: ١٨].


الصفحة التالية
Icon