من الذي خلق هذا الكون البديع؟ فلو تذكرتَ ما طرأتَ عليه من الخير في الدنيا لا نتهيتَ إلى الإيمان.
فمعنى: ﴿يَتَذَكَّرُ﴾ [طه: ٤٤] أي: النعم السابقة فيؤمن بالمنعم ﴿أَوْ يخشى﴾ [طه: ٤٤] يخاف العقوبة اللاحقة، فيؤمن بالله الذي تصير إليه الأمور في الآخرة.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى عنهما: ﴿قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ﴾
الخوف: شعور في النفس يُحرِّك فيك المهابة من شيء، ومِمَّ يخافان؟ ﴿أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ﴾ [طه: ٤٥] يفرط: أي: يتجاوز الحد.. ومضادها: فرَّط يعني: قصّر في الأمر؛ لذلك يقولون: الوسط فضيلة بين إفراط وتفريط.
ومَنْ أفرط يقولون: فَرَس فارط عندما يسبق في المضمار. ويقولون: حاز قَصْب السبق، وكانوا يضعون في نهاية المضمار قصبة يركزونها في الأرض، والفارس الذي يلتقطها أولاً هو الفائز، والفرس فارط يعني: سبق الحدِّ المعمول له، لا مجرد أن يسبق غيره.
لذلك عندما يُحدِّثنا القرآن عن الحدود، يقول مرة: ﴿تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: ٢٢٩] أي: إياك أن تسبق الحد الذي وُضِع لك ومرة أخرى يقول: ﴿تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: ١٨٧]


الصفحة التالية
Icon