هذه الأحداث، فقال ﴿قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْءَاذَنَ لَكُمْ﴾ [طه: ٧١] فأنا كبيركم الذي علّمكم السحر، وكان عليكم أنْ تحترموا أستاذيته، وقد كنت سآذنُ لكم.
وكلمة (آمنتم) مادتها: أمِنَ. وقد أخذت حيزاً كبيراً في القرآن الكريم، والأصل فيها: أمِنَ فلان آمناً يعني: اطمأن. فليس هناك ما يُخوّفه. لكن هذه المادة تأتي مرة ثلاثية (أَمِنَ) وتأتي مزيدة بالهمزة (آمن).
وهذا الفعل يأتي متعدياً إلى المفعول مباشرة، كما في قوله تعالى ﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: ٣٤] يعني: آمن سكان مكة من الخوف.
وقد يتعدى بالباء كما في: آمنت بالله، أو يتعدى باللام كما في قوله تعالى: ﴿فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ [يونس: ٨٣] وآمن له يعني: صدَّقه فيما جاء به.
إذن: لدينا: آمَنَهُ يعني أعطاه الأمن، وآمن به: يعني اعتقده، وآمن له: يعني صَدَّقه.
وقد تأتي أَمن وآمن بمعنى واحد، كما في قول سيدنا يعقوب: ﴿هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ [يوسف: ٦٤].
فلماذا اختلفت الصيغة من آمن إلى أمِن؟
قالوا: لأن قوله ﴿كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ [يوسف: ٦٤] كانت تجربة أولى، فجاء الفعل (أَمن) مُجرّداً على خلاف الحال في المرة الثانية، فقد احتاجت إلى نوع من الاحتياط للأمر، فقال ﴿هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [يوسف: ٦٤] فزاد الهمزة للاحتياط.