ويُطلَق ويُراد به الصِّيت والشَّرف والجاه في الدنيا، كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ [الأنبياء: ١٠] أي: شرفكم ورِفْعتكم بين الناس، وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤].
وقد يقول قائل: كيف يكون القرآن ذكراً وشرفاً للعرب، وقد أبان عجزهم، وأظهر ما فيهم من عِيٍّ؟ وهل يكون للمغلوب صِيت وشَرف.
نقول: كونهم مغلوبين للحق شهادة بأنهم أقوياء، فالقرآن أعجز العرب وهم أمة فصاحة وبلاغة وبيان، والحق سبحانه وتعالى حين يتحدى لا يتحدى الضعيف، إنما يتحدى القوي، ومن الفخر أن تقول: غلبت البطل الفلاني، لكن أيّ فخر في أن تقول: غلبت أيّ إنسان عادي؟
وكذلك يُطلَق الذكْر على كل كتاب أنزله الله تعالى، كما قال لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] أي: أهل الذكر قبلكم، وهم أهل التوراة وأهل الإنجيل.
ويُطلَق الذكر، ويُراد به فعل العمل الصالح والجزاء من الله عليه، كما قال تعالى: ﴿فاذكروني أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢] أي: اذكروني بالطاعة أذكركم بالخير.
ويأتي الذكْر بمعنى التسبيح والتحميد، وبمعنى التذكُّر والاعتبار، فله إذن معانٍ متعددة يُحدِّدها السياق.
لكن، لماذا اختار كلمة (ذكر) ولم يقل مثلاً كتاباً؟
قالوا: لأن الذكْر معناه أن تذكر الشيء بداية؛ لأنه أمر مهم