وقد حُذِف العائد في ﴿فَيَذَرُهَا﴾ [طه: ١٠٦] اعتماداً على ذِهْن السامع ونباهته إلى أنه لا يكون إلا ذلك، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] فلم يذكر عائد الضمير (هو) لأنه إذا قيل لا ينصرف إلا إلى الحق سبحانه وتعالى، وإنْ لم يتقدم اسمه.
وكما في قوله تعالى: ﴿حتى تَوَارَتْ بالحجاب﴾ [ص: ٣٢] والمراد: الشمس التي غابت، ففاتتْ سليمان عليه السلام الصلاة، ولم تذكر الآية شيئاً عن الشمس.
كذلك في: ﴿مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥] أي: على الأرض ولم تذكرها الآية، كذلك هنا (فَيذَرُهَا) أي الأرض.
أي: كأنها مُسْتوية على «ميزان الماء» لا ترى فيها اعوجاجاً ولا (أَمْتاً) يعني: منخفض ومرتفع، فهي مستوية استواءً تاماً، كما نفعل نحن في الجدار، ونحرص على استوائه.
لذلك نرى المهندس إذا أراد استلام مبنى من المقاول يعتمد إما على شعاع الضوء؛ لأنه مستقيم ويكشف له أدنى عَيْب في الجدار أو على ذرات التراب؛ لأنها تسقط على استقامتها، وبعد عدة أيام تستطيع أن تلاحظ من ذرات التراب ما في الجدار من التواءات أو نتوءات.