أي: لمصلحتهم؟ لا يبدو ذلك؛ لأنه قال بعدها: ﴿وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ١].
إذن: الحساب ليس في مصلحتهم إنما الحساب عليهم، إذن: كيف يكون ف مثل هذا السياق ﴿اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ... ﴾ [الأنبياء: ١] ما دام الأمر على الكفار؟ كان المفروض أن يقول: اقترب على الناس حسابهم.
نقول: هذا إذا أخذتَ اللام للحساب، إنما اللام هنا للاقتراب، لا للحساب، أي: اقترب من الناس، إنما الحساب لهم أو عليهم، هذه مسألة أخرى.
وقوله: ﴿وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ١] الغفلة معناها: زحزحة الشيء عن بال الواجب أَلاَّ يزحزح عنه، فكان الواجب أنْ يتذكره ولا يغفل عنه، والغفلة غير النسيان؛ لأن الغفلة أن تهمل مسألة كان يجب ألاَّ تهمل، وألاَّ تغيب عن بالك، أما النسيان فخارج عن إرادتك.
وغفلتهم هنا عن أصل وقمة الدين، وهو الإيمان بالألوهية، فإن آمنتَ بالألوهية فالغفلة عن الأحكام التي جاء بها الدين، وهذه هي المعاصي، والكلام هنا عن الكافرين بدليل قوله بعدها: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ... ﴾ [الأنبياء: ٢] والغفلة عن الربِّ الأعلى مثلها الغفلةَ عن حكم الرب الأعلى، وفَرْق ين غَفْلة وغَفْلة.
وقد حدَّثَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صحابته عن هذه الغفلة، كما روى سيدنا حذيفة بن اليمان قال: حدثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حديثين، قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر. حدثنا (أن الأمانة نزلت في جِذَرْ قلوب الرجال)


الصفحة التالية
Icon