فاللعب في مرحلة الطفولة، بل نأتي نحن باللُّعب ونقول للطفل: العب، إنما اللهو أن تنشغلَ بعمل مقصود وله غاية لكنها تلهيك عن غاية أسمى هي التي وضعها لك الحكيم القادر الأعلى منك المحبّ لك.
إذن: منتهي اللهو واللعب أن يلعبوا عند سماع القرآن، فلم يستمعوا له، حتى على أنه لهو له غاية، إنما على أنه لَعِبٌ لا غاية له ولا فائدةَ منه؛ لأن غايته ضارّة.
واللعب وإنْ كان مُباحاً في فترة ما قبل البلوغ، إنما القلوب يجب أن تُربَّى على أنْ تلتفت إلى الله عَزَّ وَجَلَّ الخالق الرازق في هذه الفترة المبكرة من حياة الإنسان، وهذه مهمة الأب، فإنْ أتى لولده بطعام أو شراب يقول أمام الولد الصغير: ربنا رزقنا به. وهكذا في كل أمور الحياة يسند الأمر إلى الله وينبه الولد الصغير: قل: بسم الله قل: الحمد لله.
وهكذا تُربِّى في الولد مواجيده على اليقين بالله القوي، وإنْ كان الولد لا يراه فإنه يرى آثاره ونِعَمه.
ويرى أباه الذي يتعهده، ويأتي له بكل شيء لا يتصيّد المجد لنٌفسه، إنما ينسب كل شيء إلى الله.
فأبوه - وهو المثل الأعلى له - يزحزح هذه المسائل عنه وينسبها لله، فيتربى وجدانُ الولد على الإيمان. فإذا لم يُرَبَّ الولد هذه التربية تسلل إلى نفسه اللَّهْو واللَّعِب.
وسبق أن قلنا: إن كُلَّ فعل من الأفعال لا بُدَّ أنْ ينشأ عن مَوْجدة من المواجيد، ولا ينشأ الفعل دون مَوجدة إلا فعل المجنون، والقلوب هي التي تُوجِّه الجوارح، ولو لم تكُنْ القلوب لاهية ما لعبت الجوارح.


الصفحة التالية
Icon