كأن سائلاً قال: من أين لك يا محمد بكل هذا وقد أسرّه القوم؟ ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ القول فِي السمآء والأرض... ﴾ [الأنبياء: ٤] فلا تَخْفى عليه خافية ﴿وَهُوَ السميع العليم﴾ [الأنبياء: ٤] السميع لما يُقال ويُسر العليم بما يُفعل، فالأحداث أقوال وأفعال.
ومما قالوه أيضاً: ﴿بَلْ قالوا أَضْغَاثُ... ﴾.
(بَلْ) تعني أنهم تمادَوْا، ولم يكتفو بما قالوا، بل قالوا أيضاً ﴿أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ﴾ [الأنبياء: ٥] وأضغاث: جمع ضِغْث، وهو الحزمة من الحشيش مختلفة الأشكال، كما جاء في قصة أيوب عليه السلام: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضرب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ... ﴾ [ص: ٤٤] أي حزمة من أعواد الحشيش.
ووردْت أيضاً في رُؤْيا عزيز مصر: ﴿قالوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحلام بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف: ٤٤].
وقوله ﴿بَلِ افتراه... ﴾ [الأنبياء: ٥] أي تمادَوْا فقالوا: تعمد كذبه واختلافه ﴿بَلْ هُوَ شَاعِرٌ... ﴾ [الأنبياء: ٥] إذن: أقوالهم واتهاماتهم لرسول الله متضاربة في ماهية ما هو؟ وهذا دليل تخبطهم، فمرة ينكورن أنه من البشر، ومرة يقولون: ساحر، ومرة يقولون: مفتر، والآن يقولون: شاعر!!
وقد سبق أنْ فنَّدنا كل هذه الاتهامات وقلنا: إنها تحمل في