همزة إزالة، تقول: صرخ فلان إذا وقع عليه ما هو فوق طاقته واحتماله، فيصرخ صرخةً يستدعي بها مَنْ يغيثه ويُعينه، فإنْ أجابه وأزال ما هو فيه فقد أصرخه، يعني: أزال سبب صراخه. فالمعنى: لا أدافع عنكم، ولا تدافعون عني، ولا أنقذكم من العذاب، ولاتنقذونني.
وفي موضع آخر: ﴿كَمَثَلِ الشيطان إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكفر فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي برياء مِّنكَ إني أَخَافُ الله رَبَّ العالمين﴾ [الحشر: ١٦] فحظُّ الشيطان أنْ يُوقِعك في المعصية، ثم يتبرأ منك.
فما جواب (لو) هنا؟ المعنى: لو يعلم الذين كفروا الوقت الذي لا يكفُّون فيه النار عن وجوههم، ولا عن ظهورهم ولا يُنصرون لكفّوا عما يُؤدِّي بهم إلى ذلك، وانتهَوْت عن أسبابه.
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ... ﴾.
أي: القيامة، والبغتة: نزول الحدث قبل توقعه لذلك ﴿فَتَبْهَتُهُمْ... ﴾ [الأنبياء: ٤٠] من البهت: أي: الدهشة والحيرة، فإذا ما باغتتهم القيامة يندهشون ويتحيرون ماذا يفعلون؟ وأين يفرون؟
والبغتة تمنع الاستعداد والتأهُّب، وتمنع المحافظة على النفس. ومن ذلك ما كانوا يفعلونه أوقات الحروب من صافرات الإنذار التي تُنبّه الناس إلى حدوث غارة مثلاً، فيأخذ الناس استعدادهم، ويلجئون إلى المخابئ، أمَّا إن داهمهم العدو فجأة فلن يتمكنوا من