لا يَروْنه بأعينهم، إنما يَرَوْنَه في آثار صُنْعه، أو بالغيب يعني: الأمور الغيبية التي لا يشاهدونها، لكن أخبرهم الله بها فأصبحت بَعْد إخبار الله كأنها مشهدٌ لهم يروْنَها بأعينهم.
أو يكون المعنى: يخشون ربهم في خَلَواتِهم عن الخَلْق، فمهابة الله والأدب معه تلازمهم حتى في خَلْوتهم وانفرادهم، على خلاف مَنْ يُظهِر هذا السلوك أمام الناس رياءً، وهو نمرود في خَلْوته.
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ مِّنَ الساعة مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٩] والإشفاق بمعنى الخوف أيضاً، لكنه خَوْفَ يصاحبه الحذر مما تخاف، فالخوف من الله مصحوب بالمهابة، والخوف من الساعة مصحوب بالحذر منها، مخافة أنْ تقوم عليهم قبل أنْ يُعِدوا أنفسهم لها إعداداً كاملاً يُفرحهم بجزاء الله ساعة يلقوْنَه. ﴿وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ... ﴾.
أي: كما جاءت التوراة ﴿ذِكْراً... ﴾ [الأنبياء: ٤٨] كذلك القرآن الذي نزل عليك يا محمد (ذكر)، لكنه ﴿ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ..﴾ [الأنبياء: ٥٠] يقولون: هذا شيء مبارك يعني: فيه البركة، والبركة في الشيء أنْ يعطي من الخير فوق ما يتوقع فيه.
كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسقي صحابته من قَعْب واحد من اللبن،


الصفحة التالية
Icon