لذلك يقول البعض: بمجرد أنْ صدر الأمر: ﴿يانار كُونِي بَرْداً وسلاما... ﴾ [الأنبياء: ٦٩] انطفأت كل نار في الدنيا، فلما قال: ﴿على إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٩] أصبح الأمر خاصاً بنار إبراهيم دون غيرها، فاشتعلت نيران عدا هذه النار. ونلحظ أن الحق سبحانه قيَّد بَرْداً بسلام؛ لأن البرد المطلق يؤذي.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً... ﴾.
والمراد بالكيد هنا مسألة الإحراق، ومعنى الكيد: تدبير خفيّ للعدو حتى لا يشعر بما يُدبَّر له، فيحتاط للأمر، والكيد يكون لصالح الشيء، ويكون ضده، ففي قوله تعالى: ﴿كذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ... ﴾ [يوسف: ٧٦].
أي: لصالحه فلم يقُلْ: كِدْنا يوسف إنما كِدْنا له، وقالوا في الكيد: إنه دليل ضعف وعدم قدرة على المواجهة، فالذي يُدبِّر لغيره، ويتآمر عليه خُفْية ما فعل ذلك إلاّ لعدم قدرته على مواجهته.
لذلك يقولون: أعوذ بالله من قبضة الضعيف، فإنِّي قويٌّ على قبضة القوى. فإذا ما تمكّن الضعيف من الفرصة لا يدعها؛ لأنه لا يضمنها في كل وقت، أما القوى فواثق من قوته يستطيع أن ينال خَصْمه في أيِّ وقت، ومن هنا قال الشاعر:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
وَضَعِيفَةً فَإِذَا أَصَابَتْ فُرْصَة قتلتْ كَذلِكَ قْدْرَةُ الضِّعفَاءِ