وفات هؤلاء نظرية الاحتواء في المزيجات، كما لو أذبتَ قالباً من السكر في كوب ماء، فسوف تحتوي جزئيات الماء جزئيات السكر، والأكثر يحتوي الأقل، فقالب السكر لا يحتوي الماء، إنما الماء يحتوي السكر.
فلو مات الحوت، ومات في بطنه يونس - عليه السلام - وتفاعلت ذراتهما وتداخلتْ، فقد احتوى الحوتُ يونسَ إلى أن تقوم الساعة، وعلى هذا يظل المعنى صحيحاً، فهو في بطنه رغم تناثر ذراتهما. ﴿فاستجبنا لَهُ... ﴾.
استجاب الله نداء يونس - عليه السلام - ونجَّاه من الكرب ﴿وكذلك نُنجِي المؤمنين﴾ [الأنبياء: ٨٨] إذن: فهذه ليست خاصة بيونس، بل بكل مؤمن يدعو الله بهذا الدعاء ﴿وكذلك... ﴾ [الأنبياء: ٨٨] أي: مثل هذا الإنجاء نُنْجي المؤمنين الذين يفزعون إلى الله بهذه الكلمة: ﴿لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين﴾ [الأنبياء: ٨٧] فيُذهِب الله غَمَّه، ويُفرِّج كَرْبه.
لذلك يقول ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «ثوِّروا القرآن» يعني: أثيروه ونقِّبوا في آياته لتستخرجوا كنوزه وأسراره.


الصفحة التالية
Icon