ومن ذلك قول الشاعر:

وَمَا أََدْرِي وسَوْفَ أَخَالُ أَدْرِي أَقَوْمٌ آلُ حِصنٍ أَمْ نِسَاءُ
لكْن هل أُرسِل نوح عليه السلام إلى الرجال دون النساء؟ أُرسِل نوح إلى الجميع، لكن ذُكِر القوم لأنهم هم الذين سيحملون معه أمر الدعوة ويسيحون بها، ويُبلّغونها لمن لهم ولاية عليهم من النساء، والرجال مَنُوط بهم القيام بمهام الأمور في عمارة الكون وصلاحه.
والإضافة في ﴿قَوْمِهِ..﴾ [المؤمنون: ٢٣] بمعنى اللام يعني: قوم له؛ لأن الإضافة تأتي بمعنى من مثل: أردب قمح يعني من قمح، وبمعنى في مثل: مكر الليل يعني في الليل، وبمعنىللام مثل: قلم زيد يعني لزيد.
فالمعنى هنا: قوم له؛ لأنه منهم ومأمون عليهم ومعروف لهم سيرته الأولى، فإذا قال لهم لا يتهمونه، إذن: فمن رحمة الله بالخَلْق أن يرسل إليهم واحداً منهم، كما قال سبحانه: ﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ..﴾ [التوبة: ١٢٨] ففي هذا إيناس وإلْفٌ للقوم على خلاف ما إنْ كان الرسول مَلَكَاً مثلاً، فإن القوم يستوحشونه ولا يأنسون إليه.
لذلك، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يُسمَّى بين قومه وقبل بعثته بالصادق الأمين؛ لأنه معروف لهم ماضيه وسيرته ومُقوِّمات حياته تُشجِّع على


الصفحة التالية
Icon