ومن عجائبها أيضاً أنك تشعر بحرارتها على الأرض المنبسطة فإذا ما ارتفعت فوق جبل مثلاً أو منطقة عالية تقلّ درجة الحرارة مع أنك تقترب من الشمس، على خلاف ما لو أوقدتَ ناراً مثلاً فتجد أن حرارتها تنخفض كلما ابتعدت عنها، أما الشمس فكلما اقتربت منها قلَّتْ درجة الحرارة، فمَنْ يقدر على هذه الظاهرة؟
فإذا جاء مَنْ يخبرني أنه خالق هذه الشمس أقول له: إذن هي لك، إلى أن يأتي منازع يدَّعيها لنفسه، ولم يأت منازع يدَّعيها إلى الآن.
وقولهم: ﴿افترى..﴾ [المؤمنون: ٣٨] مبالغة منهم في حقِّ رسولهم؛ لأن الافتراء: تعمُّد الكذب، والكذب كما قلنا: أن يأتي الكلام مخالفاً للواقع، وقد يأتي الكلام مخالفاً للواقع لكن حسب علم صاحبه، فهو في ذاته صادق.
سبحان الله، كأن تاريخ الرسالات يعيد نفسه مع المكذِّبين، وكأنه (أكلشيه) ثابت على ألسنة الرسل: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، فيتهمونه ويُكذِّبونه ويقولون: ما أنت إلا بشر مثلنا، فتأتي النهاية واحدة: ربِّ انصرني بما كذَّبون، يعني: أبدلني بتكذيبهم نَصْراً.
هذه قَوْلة هود - عليه السلام - حين كذَّبه قومه، وقوْلة نوح، وقوْلة كل نبي كذَّبه القوم؛ لأن الرسول حين يُكذَّب من الرسل إليهم لا يفزع إلا إلى مَنْ أرسله؛ لأن مَنْ أرسله وعده بالنصرة والتأييد: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون﴾ [الصافات: ١٧٣].


الصفحة التالية
Icon