رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ ذلك لأن القرآن الكريم ليس كتابَ منهج فقط، إنما كتابَ منهج ومعجزة ومعه أصول، من هذه الأصول أنه قال في آية من آياته: إننا وكلنا رسول الله في أن يُشرِّع للناس.
والحكم الذي يؤخذ من القول عُرْضة لأن نتمحك فيه ونقف أمامه نُقلّب ألفاظه أو نؤوله، أمّا إنْ أُخِذ الحكم من فعل المشرع، فليس فيه شكٌّ أو تمحُّك، وليس قابلاً للتأويل لأنه فعل، وقد فعل الرسول ورجم الزاني والزانية المحصنين في قصة ماعز والغامدية، لأنه مفوض من الله.
ولا بد أن نفرق بين الحدَّيْن، ففي حَدِّ الأمة إنْ زنت يقول تعالى: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب..﴾ [النساء: ٢٥] البعض فَهِم من الآية أنها تشمل حدَّيْ الرَّجْم والجَلْد، فقالوا: في الجلد يمكن أن تجلد خمسين جلده، لكن كيف نجزيء الرجم؟ وما دام الرجم لا يُجَزَّأ فليس عليها رجم.
ولو تأمل هؤلاء نصَّ الآية لخرجوا من هذا الخلاف، فالحق سبحانه وتعالى لم يقل ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات..﴾ [النساء: ٢٥] وسكت، إنما قال ﴿مِنَ العذاب..﴾ [النساء: ٢٥] فخصَّ بذلك حدَّ الجلد؛ لأن العذاب إيلام حَيٍّ، أمَّا الرجم فهو إزهاق حياة، فهما متقابلان.
أَلاَ ترى قول القرآن في قصة سليمان عليه السلام والهدهد: ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ..﴾ [النمل: ٢١] فالعذاب غير الذبح.
إذن: تجزئة الحد في الجَلْد فقط، أمّا الرَّجم فلا يُجزَّأ، فإنْ زنتِ الأَمَة المحصنة رُجِمَتْ.


الصفحة التالية
Icon