وأقيم عليه الحد بمَنْ لم يقر، ولأن الزنا لم يثبت بشهود أبداً، وإنما بإقرار، وهذا دليل على أن الحكم صحيح في ذِهْنه، ويرى أن فضوح الدنيا وعذابها أهونُ من فضوح الآخرة وعذابها، إلا لما أقر على نفسه.
فالمسألة يقين وإيمان ثابت بالقيامة وبالبعث والحساب، والعقوبة اليوم أهون، وإنْ كان الزنا يثبت بالشهود فلربما دلَّسُوا، لذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يأتيه الرجل مُقرّاً بالزنا فيقول له: «لعلك قبَّلْتَ، لعلك غمزْتَ، لعلك لمسْت» يعني: لم تصل إلى الحد الذي يسمى زنا، يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يدرأ الحدَّ بالشبهة.
ولهذا المبدأ الإسلامي السمح إنْ أخذتَ الزاني وذهبت ترجمه فآلمه الحجر فحاول الفرار يأمرنا الشرع ألاَّ نتبعه وألاَّ نلاحقه، لماذا؟ لأنه اعتبر أن فراره من الحد كأنه رجوع عن الإقرار.