والمحصنات: تُطلَق على المتزوجة، لأنها حصَّنَتْ نفسها بالزواج أن تميل إلى الفاحشة، وتطلق أيضاً على الحرة، لأنهم في الماضي كانت الإماء هُنَّ اللائي يدعين لمسألة البغاء، إنما لا تقدم عليها الحرائر أبداً.
لذلك فإن السيدة هنداً التي نُسيِّدها الآن بعد إسلامها، وهي التي لاكتْ كبد سيدنا حمزة في غزوة أحد، لكن لا عليها الآن؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله. لما سمعت السيدة هند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينهي النساء عن الزنا قالت: أو تزني حُرَّة؟ لأن الزنا انتشر قبل الإسلام بين البغايا من الإماء، حتى كانت لهن رايات يرفعْنها على بيوتهن ليُعرفْنَ بها.
والمعنى: يرمون المحصنات بما ينافي الإحصان، والمراد الزنا ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً..﴾ [النور: ٤] وهذا يُسمَّى حدَّ القذف، أن ترمي حُرّة بالزنا وتتهمها بها، ففي هذه الحالة عليك أنْ تأتي بأربعة شهداء يشهدون على ما رميْتها به، فإن لم تفعل يُقام عليك أنت حَدُّ القذف ثمانين جلدة، ثم لا ينتهي الأمر عند الجَلْد، إنما تُقبل منك شهادة بعد ذلك أبداً.
﴿وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً..﴾ [النور: ٤] لماذا؟ لأنه لم يَعُدْ أهلاً لها؛ لأنه فاسق ﴿وأولئك هُمُ الفاسقون﴾ [النور: ٤] والفاسق لا شهادةَ له، وهكذا جمع الشارع الحكيم على القاذف حَدَّ الجلْد،


الصفحة التالية
Icon