الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: ٢١].
ومعنى: ﴿الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أن لكل شيء في الكون نُطْقاً يناسبه، كما نطقت النملة وقالت: ﴿ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ..﴾
[النمل: ١٨] ونطق الهدهد، فقال: ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ [النمل: ٢٢].
وقد قال تعالى عن نُطْق هذه الأشياء: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..﴾ [الإسراء: ٤٤].
لكن، إنْ أراد الله لك أن تفقه نُطْقهم فقَّهك كما فقَّه سليمان عليه السلام، حين فهم عن النملة: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا..﴾ [النمل: ١٩] كما فَهِم عن الهدهد، وخاطبه في قضية العقيدة.
وإنْ كان النطق عادةً يفهم عن طريق الصوت، فلكل خَلْق نُطْقه الذي يفهمه جنسه؛ لذلك نسمع الآن مع تقدُّم العلوم عن لُغة للأسماك، ولغة للنحل... إلخ.
وسبق أنْ قلنا: إن الذين قالوا من معجزات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن الحصى سبّح في يده، نقول: عليكم أن تُعدِّلوا هذه العبارة، قولوا: سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تسبيح الحصى في يده، وإلاَّ فالحصى مُسبِّح في يده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، كما هو مُسبِّح في يد أبي جهل.
ولو سألتَ هذه الجوارح: لم شهدتِ عليَّ وأنت التي فعلت؟ لقالت لك: فعلنا لأننا كنا على مرادك مقهورين لك، إنما يوم ننحلّ عن إرادتك ونخرج عن قهرك، فلن نقول إلا الحق.
ثم يقول الحق سبحانه:


الصفحة التالية
Icon