وقال: «هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي».
ولا تقُلْ: ما ذنب هؤلاء؟ لأنه سبحانه حكم بسابق عِلْمه بطاعة هؤلاء، ومعصية هؤلاء.
وقوله: ﴿أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] أي: مبعدون عن النار.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشتهت..﴾.
حسيس النار: أزيزها، وما ينبعث منها من أصوات أول ما تشتعل ﴿وَهُمْ فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٢] فلم يقُلْ مثلاً: وهم بما اشتهتْ أنفسهم، إنما ﴿فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ..﴾ [الأنبياء: ١٠٢] كأنهم غارقون في النعيم ممَّا اشتهتْ أنفسهم، كأن شهوات أنفسهم ظرف يحتويهم ويشملهم. وهذا يُشوِّق أهل الخير والصلاح للجنة ونعيمها، حتى نعمل لها، ونُعِد العُدَّة لهذا النعيم.
وسبق أن قلنا: إن الإنسان يتعب في أول حياته، ويتعلم صنعة، أو يأخذ شهادة لينتفع بها فيما بعد ويرتاح في مستقبل حياته، وعلى قَدْر تعبك ومجهودك تكون راحتك، فكل ثمرة لا بُدَّ