لأن الذي يَصْدُق في أن القيامة تقوم بهذه الصورة يَصْدُق في أن بعدها عذاباً في جهنم، إذن: انتهت المسألة وما كنا نكذب به، ها هو ماثل أمام أعيننا.
ثم يقول سبحانه: ﴿وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله..﴾.
الجدل: هو المحاورة بين اثنين، يريد كل منهما أنْ يؤيد رأيه ويدحضَ رأْيَ الآخر، ومنه: جَدْل الخوص أو الحبل أي: فَتْله واحدة على الأخرى.
ولو تأملتَ عملية غَزْل الصوف أو القطن لوجدته عبارة عن شعيرات قصيرة لا تتجاوز عدة سنتيمترات، ومع ذلك يصنعون منه حَبْلاً طويلاً، لأنهم يداخلون هذه الشعيرات بعضها في بعض، بحيث يكون طرف الشعرة في منتصف الأخرى، وهكذا يتم فَتْله وغَزْله، فإذا أردتَ تقوية هذه الفَتْلة تجدِلُها مع فتلة أخرى، وهكذا يكون الجدل في الأفكار، فكل صاحب فكرة يحاول انْ يُقوِّي رأيه وحجته؛ ليدحض حجة الآخرين.
فقوله تعالى: ﴿وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله..﴾ [الحج: ٣] فكيف يكون الجدل في الله تعالى؟
يكون الجدل في الله وجوداً، كالملحد الذي لا يعترف بوجود إله،