هذا في مرحلة الذِّرِّ قبل أنْ يأتي الهوى في النفوس ﴿أَن تَقُولُواْ يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ أَوْ تقولوا إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المبطلون﴾ [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣]
إذن: بعث الله الرسل لتُذكِّر بالعهد الأول، حتى لا تحدث الغفلة، وحتى تقيم على الناس الحجة.
ثم يقول تعالى: ﴿ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ..﴾ [الحج: ٥] سمِّيت النطفة علقة؛ لأنها تعلَقُ بالرحم، يقول تعالى في آية أخرى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى﴾ [القيامة: ٣٧ - ٣٨].
فالمنيُّ هو السائل الذي يحمل النطفة، وهي الخلاصة التي يتكوَّن منها الجنين، والعَلَقة هنا هي البُويْضَة المخصَّبة، فبعد أنْ كان للبويضة تعلُّق بالأم، وللحيوان المنوي (النطفة) تعلُّق بالأب، اجتمعا في تعلُّق جديد والتقيَا ليتشبَّثا بجدار الرحم، وكأن فيها ذاتية تجعلها تعلَق بنفسها، يُسمُّونها (زيجوت).
ومنها قولهم: فلان هذا مثل العلقة إذ كان ملازماً لك.
بعد ذلك تتحول العلقة إلى مضغة ﴿ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ..﴾ [الحج: ٥] والمضغة: هي قطعة لحم صغيرة قَدْر ما يُمضغ من الطعام، وهو خليط من عِدَّة أشياء، كما لو أكلتَ مثلاً قطعة لحم مع ملعقة خضار مع ملعقة أرز، وبالمضغ يتحوّل هذا إلى خليط، ذلك لأن جسم الإنسان لا يتكَّون من عنصر واحد، بل من ستة عشر عنصراً.
هذه المضغة ﴿مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ..﴾ [الحج: ٥] معنى مخلقة يعني: يظهر عليها هيكل الجسم، وتتشكَّل على صورته، فهذه