والمنخفض على السواء، على خلاف الأرض التي تسقيها أنت لا بُدَّ أن تُسوِّيها للماء حتى يصل إليها جميعاً.
فإذا أنزل الله تعالى المطر على الأرض الجدباء الجرداء تراها تتفتق بالنبات، فمن أين جاءت هذه البذور؟ وكيف لم يُصِبْها العطب، وهي في الأرض طوال هذه الفترات؟ الأرض هي التي تحفظها من العطب إلى أن تجد البيئة المناسبة للإنبات، وهذا النبات الذي يخرج من الأرض دون تدخُّل الإنسان يسمونه (عِذْى).
أما عن نَقْل هذه البذور في الصحراء وفي الوديان، فهي تنتقل بواسطة الريح، أو في رَوَث الحيوانات.
ومعنى: ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج: ٥] الزوج: البعض يظن الزوج يعني الاثنين، إنما الزوج كلمة مفردة تدل على واحد مفرد معه مِثْله من جنسه، ففي قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى﴾ [النجم: ٤٥] فكل منهما زوج، وكما نقول: زوج أحذية يعني فردة حذاء معها فردة أخرى مثلها، ومثلها كلمة توأم يعني مولود معه مثله فكل واحد منهما يسمى (توأم) وهما معاً (توأمان) ولا نقول: هما توأم.
وهنا مظهر من مظاهر دِقَّة الأداء القرآني: ﴿كُلِّ زَوْجٍ..﴾ [الحج: ٥] لأن كل المخلوقات، سواء أكانت جماداً أو نباتاً أو حيواناً، لا بُدَّ فيه من ذكر وأنثى، هذه الزوجية قال الله فيها: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ..﴾ [الذاريات: ٤٩] حتى في الجماد الذي نظنه جماداً لا حركةَ فيه، يتكَّون من زوجين: سالب وموجب في الكهرباء، وفي الذرة، وفي المغناطيس، فكلُّ شيء يعطي أعلى منه، فلا بُدَّ فيه من زوجيْن.