إلى أعلى مراتبه، فإياك أنْ تظن أن الغاية عند الصبر على البلاء والشُّكْر على العطاء، فهذه البداية وبعدها منازل أعْلَى ومَراقٍ أسمى لمن طلبَ العُلاَ، وشمَّر عن ساعد الجد في عبادة ربه.
انظر إلى أحد هؤلاء الزُّهَّاد يقول لصاحبة: أَلاَ تشتاق إلى الله؟ قال: لا، قال مُتعجباً: وكيف ذلك؟ قال: إنما يُشتاق لغائب، ومتى غاب عني حتى أشتاق إليه؟ وهكذا تكون درجات الإيمان وشفافية العلاقة بين العبد وربه عَزَّ وَجَلَّ.
ثم يقول الحق سبحانه عن هذا الذي يعبد الله على حرف: ﴿يَدْعُو مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ..﴾.
معنى: ﴿مَا لاَ يَضُرُّهُ..﴾ [الحج: ١٢] هل الصنم الذي يعبده الكافر من دون الله يمكن أن يضره؟ لا، الصنم لا يضر، إنما الذي يضره حقيقة مَنْ عانده وانصرف عن عبادته، تضره الربوبية التي يعاندها والمجَازي الذي يجازيه بعمله، إذن: فما معنى: ﴿يَضُرُّهُ..﴾ [الحج: ١٢] هنا؟
المعنى: لا يضره إن انصرف عنه ولم يعبده، ولا ينفعه إنْ عبده: ﴿ذلك هُوَ الضلال البعيد﴾ [الحج: ١٢] نعم ضلال: لأن الإنسان يعبد ويطيع مَنْ يرجو نفعه في أيِّ شيء، أو يخشى ضره في أيِّ شيء.
وقد ذكرنا سابقاً قول بعض العارفين: (واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه)، ولو قلنا هذه المقولة لأبنائنا في الكتب الدراسية،


الصفحة التالية
Icon