لكن لم يسبق ذِكْر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل الضمير ليُعيِّنه ويدلُّ عليه، نعم لم يسبق ذِكْر لرسول الله، لكن تأمَّل المعنى: الكلام هنا عن النصر بين فريق الإيمان وعلى رأسه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وفريق الكفر وعلى رأسه هؤلاء المعاندون، فالمقام مُتعيّن أنه لا يعود الضمير إلا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ..﴾ [القدر: ١].
فالضمير هنا مُتعيِّن، ولا ينصرف إلا إلى القرآن، ولا يتعين الضمير إلا إذا كان الخاطر لا ينصرف إلى غيره في مقامه.
اقرأ: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] تلحظ أن الضمير سابق على الاسم الظاهر، فالمرجع متأخر، ومع ذلك لا ينصرف الضمير إلا إلى الله، فإذا قِيلَ: هو هكذا على انفراد لا يمكن أن ينصرف إلا لله عَزَّ وَجَلَّ.
كذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ﴾ [النحل: ٦١]. على ظَهْر أيِّ شيء؟ الذِّهْن لا ينصرف في هذا المقام إلا إلى الأرض.
وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾ [الحج: ١٥] الاستفهام هنا مِمَّنْ يعلم، فهو استفهام للتقرير، ليِقُروا هم بأنفسهم أن غَيْظهم سيظلُّ كما هو، لا يشفيه شيء، وأنهم سيموتون بغيظهم، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ..﴾ [آل عمران: ١١٩].


الصفحة التالية
Icon