لما قال الحق - تبارك وتعالى - في الآية قبل السابقة من سورة الحج ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ..﴾ [الحج: ٧٧] ولعلَّ تفيد الرجاء، أراد سبحانه أن يؤكد هنا على فلاح المؤمنين فقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون﴾ [المؤمنون: ١] وأن الرجاء من الله واقع ومؤكد، لذلك جاء بأداة التحقيق ﴿قَدْ﴾ التي تفيد تحقُّق وقوع الفعل، وهكذا تنسجم بداية سورة (المؤمنون) مع نهاية سورة (الحج).
وقوله تعالى هناك ﴿تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: ٧٧] وهنا ﴿أَفْلَحَ﴾ [المؤمنون: ١] مادة (فلح) مأخوذة من فلاحة الأرض، والفَلْح هو الشق؛ لذلك قالوا: إن الحديد بالحديد يفلح، وشَقُّ الأرض: إهاجتها وإثارتها بالحرث، وهذه العملية هي أساس الزرع، ومن هنا سُمِّي الزرع حَرْثاً في قوله سبحانه: {وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحياة