وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون﴾ [الروم: ٣٩] أي: الذين يضاعف الله لهم ويزيدهم.
وكما أمرنا ربنا - تبارك وتعالى - بالخشوع في الصلاة أمرنا كذلك في الزكاة، فلم يقل: مؤدون. ولكن ﴿فَاعِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٤] وهذه من تربية مقامات العبادة في الإنسان، فأنت حين تصلي ينبغي أن تخشع وتخضع في صلاتك لله، وكذلك حين تُزكّي تُرقِّي ملكَة الخير في نفسك، فحين تعمل وتسعى لا تعمل على قَدْر حاجتك، وإنما على قَدْر طاقتك، فتأخذ من ثمرة سَعْيك حاجتك، وفي نيتك أن تُخرِج من الباقي زكاة مالك وصدقتك، فالزكاة - إذن - في بالك وفي نيتك بدايةً.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ..﴾.
الفروج: جمع فَرْج، والمقصود سَوْءَتَا كُلٍّ من الرجل والمرأة، وقد أمر الله تعالى بحفظها على المهمة التي خُلقت من أجلها، ومهمة هذه الأعضاء إما إخراج عادم الجسم من بول أو غائط، أو العملية الجنسية وهدفها حِفْظ النسل، وعلى الإنسان أن يحفظ فرجه على ما أحلّه له في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ..﴾.
أي: يحفظون فروجهم إلا على أزواجهم؛ لأن الله أحلها ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ..﴾ [المؤمنون: ٦] ومِلْك اليمين حلال لم يَعُد له موضع،


الصفحة التالية
Icon