يقولون: كان أصله قرداً، إلى آخر هذه الخرافات التي لا أساس لها من الصحة.
لذلك أعطانا الله تعالى المناعة الإيمانية التي تحمينا أنْ ننساق خلف هذه النظريات، فأخبرنا سبحانه خبر هؤلاء وحذرنا منهم؛ لأنهم ما شهدوا شيئاً من الخَلْق، ولم يتخذهم الله أعواناً فيقولون مثل هذا الكلام. إذن: هذا أمر استأثر الله بعلمه، فلا تأخذوا علمه إلاَّ مما أخبركم الله به.
وكلمة الإنسان اسم جنس تطلق على المفرد والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث، فكل واحد منا إنسان، بدليل أن الله تعالى استثنى من المفرد اللفظ جمعاً في قوله تعالى: ﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ..﴾ [العصر: ١ - ٣] فاستثنى من المفرد الجماعة.
ومعنى ﴿خَلَقْنَا﴾ [المؤمنون: ١٢] أوجدنا من عدم، وسبق أن قلنا: إن الله تعالى أثبت للبشر صفة الخَلْق أيضاً مع الفارق بين خَلْق الله من عدم وخَلْق البشر من موجود، وخَلْق الله فيه حركة وحياة فينمو ويتكاثر، أما ما يخلق البشر فيجمد على حاله لا يتغير؛ لذلك وصف الحق سبحانه ذاته فقال: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤].
أما قَوْل القرآن حكايةً عن عيسى عليه السلام: ﴿أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير..﴾ [آل عمران: ٤٩] فهذه من خاصياته عليه السلام، والإيجاد فيها بأمر من الله يُجريه على يد نبيه.
فالمعنى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان..﴾ [المؤمنون: ١٢] أي: الإنسان الأول، وهو آدم عليه السلام ﴿مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ..﴾ [المؤمنون: ١٢] والسلالة: خلاصة الشيء تُسَلُّ منه كما يُسَلُّ السيف من غِمْده أي: