عملية الولادة مسألة صعبة؛ لأنه سيستقبل حياة ذاتية تستلزم أن تعمل أجهزته لأول مرة، وأول هذه الأجهزة جهاز التنفس.
ومن رحمة الله بالجنين أن ينزل برأسه أولاً ليستطيع التنفس، ثم يخرج باقي جسمه بعد ذلك، فإن حدث العكس ونزل برجليه فربما يموت؛ لأنه انفصل عن تبعيته لأمه، وليس له قدرة على التنفس ليحتفظ بحياته الذاتية الجديدة؛ لذلك في هذه الحالة يلجأ الطبيب إلى إجراء عملية قيصرية لإنقاذ الجنين من هذا الوضع، وقبل أن يختنق.
ولما كانت مسألة خَلْق الإنسان فيها كثير من العِبَر والآيات ودلائل القدرة طوال هذه المراحل التي يتقلّب فيها الإنسان، ناسب أنْ تختم الآية بقوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤] لأنك حين تقف وتتأمل قدرة الله في خَلْق الإنسان لا تملك إلا أنْ تقول: سبحان الله، تبارك الله الخالق.
«لذلك يروى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما قرأ هذه الآية سبق عمر فقال (فتبارك الله أحسن الخالقين) فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للكاتب: اكتبها فقد نزلتْ»
، لأنها انفعال طبيعي لقدرة الله، وعجيب صُنْعه، وبديع خلقه، وهذا نوع من التجاوب بين السليقة العربية واللسان العربي وبين أسلوب القرآن الذي جاء بلسان القوم.