يَا رِجَالَ الدينِ يا مِلْحَ البَلَدِ | مَنْ يُصلح الملحَ إذَا المِلْحُ فَسَد |
ومن رحمة الله بنا أن ينزل الماء من السماء ﴿بِقَدَرٍ﴾ [المؤمنون: ١٨] يعني: بحساب وعلى قَدْر الحاجة، فلو نزل هكذا مرة واحدة لأصبح طوفاناً مُدمّراً، كما حدث لقوم نوح ولأهل مأرب. وفي موضع آخر يقول سبحانه: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١].
ثم يقول سبحانه: ﴿فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض..﴾ [المؤمنون: ١٨] لأننا نأخذ حاجتنا من ماء المطر، والباقي يتسرب في باطن الأرض، كما قال سبحانه: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض﴾ [الزمر: ٢١] ومن عجيب قدرة الله في المياه الجوفية أنها تسير في مسارب مختلفة، بحيث لا يختلط الماء العَذْب بالماء المالح مع ما يتميز به الماء من خاصية الاستطراق، والعاملون في مجال حفر الآبار يجدون من ذلك عجائب، فقد يجدون الماء العَذْب بجوار المالح، بل وفي وسط البحر لأنها ليست مستطرقة، إنما تسير في شعيرات ينفصل بعضها عن بعض.
والمياه الجوفية مخزون طبيعي من الماء نُخرجه عند الحاجة، ويُسعِفنا إذا نَضُبَ الماء العَذْب الموجود على السطح ﴿فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض.
.﴾ [المؤمنون: ١٨] ليكون احتياطياً لحين الحاجة إليه، فإذا جَفَّ المطر تستطيعون أن تستنبطوه.