ومن منافع الأنعام أيضاً الجلود والعظام وغيرها، يقول تعالى: ﴿والله جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأنعام بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إلى حِينٍ﴾ [النحل: ٨٠].
﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [المؤمنون: ٢١] أي: لحماً، وذكر اللحم في آخر هذه المنافع؛ لأنه آخر ما يمكن الانتفاع به من الحيوان، وسبق أنْ ذكرنا أن الحيوان الذي أحلّه الله لنا إذا تعرض لما يزهق روحه، فإنه يرفع لك رقبته، ويكشف لك عن موضع ذَبْحه كأنه يقول لك: أسرع واستفد مني قبل أنْ أموت.
وفي لقطة أخرى لمنافع الأنعام يقول سبحانه: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس﴾ [النحل: ٧] إذن: كل آية تحدثت عن الأنعام تعطينا فائدة لتظل مربوطاً بالقرآن كله.
﴿وَعَلَيْهَا﴾ [المؤمنون: ٢٢] أي: على الدواب تُحملون، فنركب الدواب، ونحمل عليها متاعنا، لكن لما كانت الأرض ثلاثة أرباعها ماء، فإن الحق - سبحانه وتعالى - ما تركنا في البحر، إنما حملنا فيه أيضاً ﴿وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ﴾ [المؤمنون: ٢٢] فكما أعددتُ لكم المطايا على اليابسة الضيقة أعددتُ لكم كذلك ما تركبونه في هذه المساحة الواسعة من الماء.
ولما كان الكلام هنا عن الفُلْك فقد ناسب ذلك الحديث عَمَّنْ له صلة بالفُلْك، وهو نوح عليه السلام: