﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة﴾ [البقرة: ١٨٩] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر﴾ [البقرة: ٢١٩] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال﴾ [الأنفال: ١] فكان النجم من القرآن ينزل ليُجيب عليهم ويُشرَّع لهم، وما كان يتأتَّى ذلك لو نزل القرآن جملة واحدة.
وكلمة: ﴿نَزَّلَ الفرقان﴾ [الفرقان: ١] تؤيد هذا المعنى وتسانده؛ لأن نزّل تفيد تكرار الفعل غير «أنزل» التي تفيد تعدِّى الفعل مرة واحدة.
وقوله تعالى: ﴿على عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١] كأن حيثية التنزيل عليه هي العبودية لله تعالى، فهو العبد المأمون أن ينزل القرآن عليه.
وسبق أن قلنا: أن العبودية لفظ بغيض إنِ استُعمِل في غير جانب الحق سبحانه، أمّا العبودية لله فيه عِزٌّ وشرف ولفظ محبوب في عبودية الخَلْق للخالق؛ لأن العبودية للبشر يأخذ السيد خير عبده، أمّا العبودية لله فيأخذ العبد خير سيده.
لذلك جعل الله تعالى العبودية له سبحانه حيثية للارتقاء السماوي في رحلة الإسراء، فقال: ﴿سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] فالرِّفْعة هنا جاءتْ من العبودية لله.
ثم يقول سبحانه: ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان: ١] العالمين: جمع عَالَم، والعَالَم ما سوى الله تعالى، ومن العوالم: عالم الملائكة، عالم الإنس، وعالم الجن، وعالم الحيوان، وعالم النبات، وعالم الجماد، إلا أن بعض هذه العوالم لم يَأْتِها بشير ولا نذير؛ لأنها ليست مُخيَّرة، والبشارة والنذارة لا تكون إلا للمخيّر.
يقول تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن