ثم يقول سبحانه: ﴿وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً﴾ [الفرقان: ٣] يعني: لا تنفعهم إنْ عبدوها، ولا تضرّهم إنْ كفروا بها ﴿وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً﴾ [الفرقان: ٣] أي: موتاً أو حياة لغيرهم، فهم لا يملكون شيئاً من هذا كله، لأنه من صفات الإله الحق الذي يُحيي ويُميت، ثم ينشر الناس في الآخرة. إذن: للإنسان مراحل متعددة، فبعد أنْ كان عَدَماً أوجده الله، ثم يطرأ عليه الموت فيموت، ثم يبعثه الله، ويُحييه حياة الآخرة.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَقَالَ الذين كفروا إِنْ هذا إِلاَّ إِفْكٌ﴾
بعد أن تكلم الفرقان وفرَق في مسألة القمة والألوهية واتخاذ الولد والشركاء، وبيَّن الإله الحق من الإله الباطل، أراد سبحانه أنْ يتكلّم عن الفرقان في الرسالة، فيحكى ما قاله الكفار عن القرآن ﴿إِنْ هذا﴾ [الفرقان: ٤] يعني: ما هذا أي القرآن الذي يقوله محمد ﴿إِلاَّ إِفْكٌ﴾ [الفرقان: ٤] الإفك: تعمُّد الكذب الذي يقلب الحقائق، وسبق أن قُلْنا: إن النسبة الكلامية إنْ وافقت الواقع فهي صٍِدْق، وإنْ خالفتْه فهي كذب.
والإفْك قَلْب للواقع يجعل الموجود غير موجود، وغير الموجود موجوداً، كما جاء في حادثة الإفك حين اتهموا عائشة أم المؤمنين بما يخالف الواقع، فالواقع أن صفوان أناخ لها ناقته حتى ركبت