والظلم هو: الحكم بغير الحق، والزّور هو: عُدَّة الحكم ودليله. والظلم يأتي بعد الزور، لأن القاضي يستمع أولاً إلى الشهادة، ثم يُرتِّب عليها الحكم، فإن كانت الشهادةُ شهادةَ زور كان الحكم حينئذ ظالماً.
لكن الحق تبارك وتعالى يقول ﴿ظُلْماً وَزُوراً﴾ [الفرقان: ٤] وهذا دليل على أن الحكم جاء منهم مُسبقاً، ثم التمسوا له دليلاً.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين﴾
الأساطير: جمع أسطورة، مثل أعاجيب جمع أعجوبة، وأحاديث جمعُ أُحْدوثة، والبكرة أو النهار، والأصيل آخره، والمعنى أنهم قالوا عن القرآن: إنه حكايات وأساطير السابقين ﴿اكتتبها﴾ [الفرقان: ٥] يعني: أمر بكتابتها. وهذا من ترددهم واضطراب أقوالهم، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وقولهم: ﴿فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [الفرقان: ٥] أي: باستمرار ليُكرِّرها ويحفظها.
ويردُّ القرآن عليهم: ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر﴾
﴿أَنزَلَهُ﴾ [الفرقان: ٦] أي: القرآن مرة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ﴿الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض﴾ [الفرقان: ٦] فلا تظن أنك بمجرد خَلْقك قدرْتَ أن تكشف أسرار الله في