إذن: ما قالها رسول الله قرآناً يُتْلَى ويُتعبَّد به إلا وهو واثق من صِدْق ما يخبر به؛ لأن الذي يخبره ربه عَزَّ وَجَلَّ الذي يعلم السرَّ في السموات والأرض؛ لذلك قال هنا الحق سبحانه وتعالى:
﴿قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض﴾ [الفرقان: ٦].
ومن العجيب أن ينتصر الروم على الفُرْس في نفس اليوم الذي انتصر فيه الإيمان على الكفر في غزوة بدر، هذا اليوم الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله﴾ [الروم: ٤٥].
وما دام أن الذي أنزل القرآن هو سبحانه الذي يعلم السِّر في السماوات والأرض، فلن يحدث تضارب أبداً بين منطوق القرآن ومنطوق الأكوان؛ لأن خالقهما واحد سبحانه وتعالى فمن أين يأتي الاختلاف أو التضارب؟
ثم يقول سبحانه: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الفرقان: ٦] فما مناسبة الحديث عن المغفرة والرحمة هنا؟ قالوا لأن الله تبارك وتعالى يريد أن يترك لهؤلاء القوم الذين يقرعهم مجالاً للتوبة وطريقاً للعودة إليه عَزَّ وَجَلَّ وإلى ساحة الإيمان.
لذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لمن أشار عليه بقتل الكفار: «لعلَّ الله يُخرِج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً».
وكان الصحابة يألمون أشد الألم إنْ أفلتَ أحد رءوس الكفر من


الصفحة التالية
Icon