والحق تبارك وتعالى يُظهر لنا هذه الصورة في قوله سبحانه: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠].
فالنار تتشوّق لأهلها كالذي يأكل ولا يشبع، فمهما أُلْقِي فيها من العصاة تقول: ﴿هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠].
ومعنى ﴿وَزَفِيراً﴾ [الفرقان: ١٢] النفَس الخارج. وفي موضع آخر يقول تعالى: ﴿إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ﴾ [الملك: ٧] فذكر أن لها شهيقاً وزفيراً، وهي في المكان الضيق.
فجمع الله عليهم من العذاب ألواناً حتى يقول الواحد منهم لمجرد أن يرى العذاب: ﴿ياليتني كُنتُ تُرَاباً﴾ [النبأ: ٤٠] وهنا يدعو بالويل والثبور، يقول: يا ويلاه يا ثبوراه يعني: يا هلاكي تعالَ احضر، فهذا أوانك لتُخلِّصني مما أنا فيه من العذاب، فلن يُنجيني من العذاب إلا الهلاك؛ لذلك يقولون: أشدّ من الموت الذي يطلب الموت على حَدِّ قول الشاعر:

كَفَى بِكَ دَاءً أَنْ تَرَى المْوتَ شَافِياً وَحَسْبُ المنَايَا ِأنْ يكُنَّ أَمانِياً
ولك أن تتصور بشاعة العذاب الذي يجعل صاحبه يتمنى الموت، ويدعو به لنفسه.


الصفحة التالية
Icon