ثم يقول الحق سبحانه: ﴿لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً وَاحِداً﴾
يُوبِّخهم الحق سبحانه وتعالى ويُبكِّتهم: يا خيبتكم ويا ضياعكم، لن ينفعكم أنْ تدعوا ثُبوراً واحداً، بل ادعوا ثُبوراً وثبوراً وثبوراً؛ لأنها مسألة لن تنتهي، فسوف يُسْلِمكم العذاب إالى عذاب، حتى ينادوا: ﴿يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧] وهو عذاب متجدد: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب﴾ [النساء: ٥٦].
ثم يذكر الحق سبحانه المقابل ليكون ذلك أنْكَى لأهل الشر وأَغْيظ لهم، فيذكر بعد العذاب الثوابَ على الخير وعِظَم الجزاء على الطاعة، ومثل هذه المقابلات كثيرة في كتاب الله، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الإنفطار: ١٣١٤].
ويقول سبحانه: ﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ [التوبة: ٨٢].
وهنا بعد أنْ ذكر النار وما لها من شهيق وزفير، يقول سبحانه: ﴿قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد﴾
﴿قُلْ﴾ [الفرقان: ١٥] أَمْر لرسول الله بأن يقول، والمقول له هم الذين اعترضوا على نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ باعتراضات واهية من المعاصرين له،


الصفحة التالية
Icon