فلست طالب مال، ولا مُلْك، ولا شرف، إنما أنا رسول الله أُرسِلْتُ إليكم، ومعي كتاب فيه منهجكم، وأمرني ربي أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فإنْ جئتم على ما أحب فقد ضمنتم حظّ الدنيا والآخرة، وإنْ رددتُمْ عليَّ قولي فإنني سأصبر إلى أن يحكم الله بيننا، وهو خير الحاكمين».
فلجئوا إلى عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لعله يستطيع أن يستميله، فلما كلَّمه عمه قال قولته المشهورة: «والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركتُه حتى يُظهِره الله أو أهلك دونه».
﴿أذلك﴾ [الفرقان: ١٥] أي: ما أنتم فيه الآن من العذاب خير، أم جنة الخلد التي وُعِد المتقون؟ احكموا أنتم في هذه المسألة وسنرضى بحكمكم، إنها إغاظة لأهل النار، حيث جمع الله عليهم مقاساة العذاب مع النظر إلى أهل الجنة وما هم فيه من النعيم، ولو كانت الأُولى وحدها لكانت كافية، إنما هو في العذاب ويأتيه أهل الجنة لِيُبكّتوه: انظر ما فاتك من النعيم!!
وفيها أيضاً تقريع لهم، فليس هناك وجه للمقارنة بين الجنة والنار، فأنت مثلاً لا تقول: العسل خير أم الخل؛ لأنه أمر معروف بداهة.
وسبق أنْ تكلّمنا عن الصراط، ولماذا ضُرِب على مَتْن جنهم، والجميع يمرون عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى يريد أنْ يجعل لك