﴿وَمَصِيراً﴾ [الفرقان: ١٥] أي: يصيرون إليه، إذن: لا تنظر إلى ما أنت فيه الآن، لكن انظر إلى ما تصير إليه حَتْماً، وتأمل وجودك في الدنيا، وأنه موقوت مظنون، ووجودك في الآخرة وأنه باقٍ دائم لا ينتهي، لذلك يقولون: إياك أنْ تدخل مدخلاً لا تعرف كيفية الخروج منه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ﴾
في الآية السابقة قال سبحانه: ﴿جَنَّةُ الخلد﴾ [الفرقان: ١٥] وهنا يقول: ﴿خَالِدِينَ﴾ [الفرقان: ١٦] وهذه من المواضع التي يرى فيها السطحيون تكراراً في كلام الله، مع أن الفرق واضح بينهما، فالخُلْد الأول للجنة، أما الثاني فلأهلها، بحيث لا تزول عنهم ولا يزولون هم عنها.
وقوله: ﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ﴾ [الفرقان: ١٦] كأن امتياز الجنة أن يكون للذي دخلها ما يشاء، وفي هذه المسألة بَحْث يجب أن نتنبه إليه ﴿لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ﴾ [الفرقان: ١٦] يعني: إذا دخلتَ الجنة فلك فيها ما تشاء. إذن: لك فيها مشيئة من النعيم، ولا تشاء إلا ما تعرف من النعيم المحدود، أما الجنة ففيها ما لا عَيْن رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وهذا الوعد لا يتحقق للمؤمن إلا في الجنة، أما في الدنيا فلا أحدَ ينال كل ما يشاء حتى الأنبياء أَلاَ ترى أن نوحاً عليه السلام طلب من ربه نجاة ولده. فقال: ﴿إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] فلم يُجَبْ إلى ما يشاء.


الصفحة التالية
Icon